روائع مختارة | روضة الدعاة | تاريخ وحضارة | دور مصر.. في تاريخ العرب والمسلمين

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > روضة الدعاة > تاريخ وحضارة > دور مصر.. في تاريخ العرب والمسلمين


  دور مصر.. في تاريخ العرب والمسلمين
     عدد مرات المشاهدة: 2149        عدد مرات الإرسال: 0

مصر هي أرض الكنانة أرض العطاء والبطولات، أرض الرجال والمروءات، أرض التاريخ والحضارات.

كان دورها في التاريخ عظيمًا، درج على أرضها عدد من الأنبياء منهم يوسف وموسى عليهما السلام، وذكرت في القرآن كثيرًا، وخاصة من خلال قصة يوسف مع إخوانه ومع عزيز مصر، وقصة موسى مع فرعون وتجبره وتكبره وطغيانه، وقصة الطوفان الذي ذهب بالطاغية وجنده المتعالين المتكبرين. .

وعندما فتحت مصر أقبل سكانها على الإسلام يعتنقونه دون إكراه، وكان معظم رجال الكنيسة آنذاك يعيشون في الصحراء هربًا من البطش الروماني الذي كان يريد إجبارهم على اعتناق مذهب الدولة، وقد اضطهدهم وشردهم من أجل ذلك.

فكان في الفتح الإسلامي خلاصهم وإنقاذهم، ولو أن المسلمين أعملوا السيف في رقاب من لم يسلم لما بقي في مصر نصراني، ولكن الإسلام يعاهد ويسالم، ويعرض كنوزه على الآخرين دون أن يكرههم على اعتناقها، قال تعالى: {لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ} [البقرة: 256].

وكان الإسلام يحترم صوامعهم وكنائسهم وأنظمتهم الخاصة، وبعد إقبال أهل مصر على الإسلام كانوا له وكان لهم عزة، وكانوا له وكان لهم مددًا، فهم أهل صبر في اللقاء، وأهل ثبات في المعارك والقتال، وكل نصر حققه المسلمون بعد الفتح الإسلامي كان للمصريين فيه دور عظيم.

فقد اقتحم المغول بقيادة هولاكو عاصمة الدولة العباسية بغداد في عام 656هـ، وقتلوا من سكانها ما يقارب سبعين ألفًا في يوم واحد، وألقوا بالكتب في نهر دجلة، وبقي لونه متغيرًا عدة أيام من أثر الحبر الذي ذاب فيه كما تقول روايات التاريخ. .

وتوجه المغول غربًا، وارتسم في الأذهان أنهم قوم لا يغلبون، ولكن عندما علم حاكم مصر محمود قطز خرج للقائهم مع قائده الظاهر بيبرس في معركة عين جالوت، ودارت رحى المعركة، وتساقط فيها الرجال، وسالت الدماء.

وكاد الجيش المصري أن يُغلب إلا أن قطز ارتقى تلة، وأخذ خوذته وألقى بها أرضًا وصاح (وا إسلاماه!!)؛ أيْ: واضياع الإسلام إذا هزمنا في هذه المعركة. وكان لصيحته في نفوس جنوده وقع كبير، فدبَّ الحماس فيهم.

واشتعلت حميتهم وحماسهم مثلما تشتعل النار في الهشيم، فهزيمتهم تعني هزيمة الإسلام وتراجعه، فكرُّوا على الأعداء وصالوا وجالوا وصبروا وجاهدوا حتى كتب الله لهم النصر، وبطلت على أيديهم أسطورة أن المغول لا يُغلبون.

وقد خلَّد هذه المعركة الفاصلة في تاريخ الإسلام علي أحمد باكثير في رواية بعنوان (وا إسلاماه!!)، وفيما بعد دخل المغول في الإسلام، وحملوه إلى مشارق الأرض ومغاربها، ونشروه ودافعوا عنه، ولا يستبعد أن يدخل اليوم في الإسلام من يحاربه ويتحول من عدو للإسلام إلى مؤمن به، ومناصر له.

وفي الحروب الصليبية كان للمصريين الدور الكبير والعظيم في تحرير فلسطين منهم، فقد كان صلاح الدين واليًا على مصر، ثم أصبح فيما بعد واليًا على الشام ومصر والحجاز، فوضع الصليبيين بين فكي الكماشة، بين جند الشام وجند مصر، فكان النصر حليفه.

وقطز والظاهر بيبرس وصلاح الدين لم يكونوا عربًا، ولكنهم كانوا مسلمين أعزَّ الله بهم وأعزهم بالإسلام، وعندما غزا ملك فرنسا لويس التاسع مصر، وكانت وجهته دمياط، هزموه شر هزيمة، وشتتوا جيشه وأسروه وكان ذلك في سنة 1250م، وسجنوه في دار (ابن لقمان) في المنصورة وكان يحرسه شخص اسمه صبيح، وفي هذا يقول الشاعر:

قـل للفرنسيين إذا عادهـا *** مقال صدق من مقول فصيح

دار ابن لقمان على عهدهـا *** والقيد باق والطواشي صبيح

والطواشي هو حارس السجن. وقد افتدى لويس التاسع نفسه بأموال كثيرة، وتم إطلاق سراحه.

وفي تصوري أن بلدًا عظيمًا مثل مصر يمكن أن يتقدم ويرتقي إلى مصاف الدول العظيمة، ففيه طاقات بشرية خلاقة ومبدعة وصبورة، وفيه النيل، والزراعة، والسياحة، والبترول، والغاز، وقناة السويس وكل ما تحتاجه التنمية من عوامل، وخاصة العامل البشري وهو الأهم.

إن مصر يمكن أن تكون مثل كوريا، أو مثل ماليزيا في فترة لا تتجاوز عقدين من الزمن، شريطة أن يوفقها الله في قيادة مثل قيادة مهاتير محمد تفجر طاقات الناس، وتوحد صفوفهم، وتحترم كرامتهم، وتضمن حريتهم.

وفق الله مصر إلى كل خير، ونسأل الله أن يولي عليهم خيارهم، ويبعد عنهم شرارهم، ويقودهم إلى بر الأمان والاستقرار والحرية والكرامة والعزة، ففي ذلك عز وكرامة للعرب وللمسلمين في مشارق الأرض ومغاربها.

الكاتب: د. عبد الرزاق بن حمود الزهراني

المصدر: موقع المصدر: موقع التاريخ